صحافة

العودة
٢٠١٩-٠٢-١١
الفرصة الاخيرة
  الفرصة الاخيرة
كتب الدكتور غازي وزني


أقرت الحكومة بيانها الوزاري الذي يرتكز في شقه الاقتصادي على متطلبات "سيدر" وتوصيات "ماكينزي" والمجلس الاقتصادي الاجتماعي ويأخذ في الاعتبار المخاطر الجسيمة التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والمالي لاسيما بعد الاشاعات الغير بريئة والمفتعلة التي روجت عن انهيار مالي ونقدي وشيك.
يتضمن البيان خطوات اصلاحية ايجابية وواقعية تتعلق بإستثمارات "سيدر" وتصحيح المالية العامة واصلاحات قطاعية على الحكومة تنفيذها وعدم تفويت الفرصة لوقف تدهور المالية العامة وتضخم الدين العام وإنعاش النمو واصلاح الكهرباء وتعزيز الثقة .
تظهر أبرز الخطوات الاصلاحية في البيان على الشكل التالي:
1- تصحيح المالية العامة: يتحقق من خلال ضبط الانفاق وتحسين الجباية، من دون اجراءات ضريبية:
- تجميد التوظيف والتطويع: ارتفعت نفقات الرواتب والاجور في فترة 2011-2018 حوالي 56% نتيجة التوظيفات العشوائية والسياسية وسوء تقدير كلفة سلسلة الرتب والرواتب. يؤدي الاجراء الى تقليص تدريجي لحجم القطاع العام اذ يذهب سنويا الى التقاعد بين 6 و 7 الاف شخص.
- إصلاح نظام التقاعد: تضاعفت نفقات معاشات التقاعد ونهاية الخدمة في فترة 2011-2018 من 1400 مليار ليرة الى 2800 مليار ليرة. يعتبر نظام التقاعد قنبلة موقوتة في المالية العامة.

2- إصلاح قطاع الكهرباء: يعتبر من الاولويات لتصحيح المالية العامة إذ دعمت الخزينة العامة مؤسسة الكهرباء في فترة 2011-2018 بما يقارب 14.5 مليار دولار.
تبتدئ عملية الاصلاح عبر الشراكة مع القطاع الخاص في انشاء معامل صغيرة بطاقة 50 ميغاوات، ورفع التعرفة تدريجيا والابتعاد عن استئجار البواخر وتحديد سقف لدعم المؤسسة لايتجاوز المليار دولار سنويا.

3- الاستقرار النقدي: التأكد على الاستمرار في سياسة سعر صرف الليرة الذي يحتاج الى ما يلي:
- إستقرار سياسي اضافة الى تنفيذ الاصلاحات ما يخلق مناخات ايجابية للمستثمرين والمودعين وينعكس ايجابا على معدلات الفوائد والتدفقات المالية.
- خفض العجز في الحساب الجاري لاسيما في الميزان التجاري: يمكن ان يتحقق من خلال تعزيز الصادرات والحدّ من فاتورة الاستيراد عبر فرض رسوم نوعية وضبط الاستيراد من قبل المصارف وتشجيع الصناعة الوطنية.




- تشريع زراعة نبتة القنب الهندي لاغراض طبية يوفّر مداخيل سنوية تراوح بين 600-900 مليون دولار ومداخيل للخزينة العامة تفوق 200 مليون دولار.

4- مؤتمر "سيدر" والنمو الاقتصادي:
يقدم سيدر تعهدات مالية بقيمة 11.5 مليار دولار لتنفيذ 106 مشروعا استثماريا في البنية التحتية ما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل.
يتضمن سيدر الملاحظات التالية:
- سيدر قروض ميسّرة تحتاج الى موافقة المجلس النيابي (المادة 88 من الدستور)
- وجود تخوّف من سوء استعمال الاموال في استثمارات غير منتجة تتضمن الهدر والمحاصصة ما يتسبب بزيادة كبيرة للدين، وتخوّف من اضطرار الدولة الى فرض ضرائب على المواطنين كرفع الضريبة على القيمة المضافة والرسوم على البنزين، وتخوّف من تحوّل الشراكة مع القطاع الخاص الى خصخصة المرافق العامة وارتفاع اسعار الخدمات العامة.

في المقابل لم يتضمن البيان الاجراءات التالية التي تنعكس ايجابا على المالية العامة والوضع الاقتصادي:
1- خفض كلفة الدين العام: تحقيق وفر يقارب 1300 مليار ليرة سنويا.
يتحقق من خلال التنسيق والتفاهم بين الحكومة ومصرف لبنان والمصارف :
- إكتتاب مصرف لبنان في العام 2019 بسندات خزينة بالليرة بقيمة 9000 مليار ليــرة بفائـــدة 1% : 540 مليار ليرة
- إكتتاب المصارف بسندات خزينة بالليرة بقيمة 9000 مليار ليرة بفائدة صفر لمدة ثلاث سنوات او استبدال سندات لديه استحقاقاتها ثلاث سنوات بسندات بفائـــدة صفــر: 585 مليار ليرة
- إطفاء ما يعادل ملياري دولار من مجموع دين الخزينة في محفظة مصرف لبنان استنادا الى المادة 115 من قانون النقد والتسليف نتيجة الفروقات بين القيمة الدفترية والقيمة السوقية للذهب: 210 مليار ليرة

2- إجراءات ضريبية: 700 مليار ليرة
- رفع الضريبة على فوائد الودائع من 7% الى 10% للودائع التي تفوق قيمتها 50 الف دولار في المصارف: يوفر 300 مليار ليرة
إدراج الضريبة الموحدة على المداخيل: 400 مليار ليرة

يواجه البيان الحكومي تحديات وضغوطات كثيرة تهدد تنفيذه ولكن على الحكومة ان تدرك انها الفرصة الاخيرة لخروج لبنان من الازمة الاقتصادية والمالية قبل الانهيار.